من الإعلام إلى قوة ضاربة في التجارة الإلكترونية في MENA
كفاح المؤسسين

من الإعلام إلى قوة ضاربة في التجارة الإلكترونية في MENA

[قراءة 5 دقائق]

بواسطة Bayanat

في هذه النسخة من سلسلة "كفاح المؤسسين"، نتابع التحوّل الجريء الذي خاضه وسيم قري من مستشار استراتيجي إلى رائد أعمال متسلسل، ونروي قصة صعود واحدة من أبرز منصات الجمال والصحة في الشرق الأوسط.

بصفته الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Parallel Health & Beauty Holding، قاد وسيم، إلى جانب المؤسِّسَين المشارِكَين إلسا عون وفيليب رزق، مسيرة استثنائية نجحوا خلالها في تجاوز الانهيار الاقتصادي في لبنان، ودمجوا عدّة شركات ناشئة في كيان واحد، ورفعوا الإيرادات من مليون دولار إلى ستة ملايين دولار، محققين الربحية رغم الأزمات. هذه القصة تمثل درساً متكاملاً في اتخاذ المنعطفات الجريئة، والانضباط التشغيلي، وتحويل الفجوات إلى فرص نمو.


"أنوثة" الشرارة التي أطلقت الإمبراطورية الرقمية


بدأت رحلة وسيم قري في عالم ريادة الأعمال عام 2005 كمشروع جامعي خلال دراسته للماجستير في إدارة الأعمال في HEC Paris. تعاون حينها مع زميلته في الصف، والمؤسِّسة المشاركة، وزوجته لاحقاً، إلسا عون، لإطلاق "أنوثة"، وهي مجلة رقمية باللغة العربية موجهة للمرأة.

اختارا هذا القطاع تحديداً نظراً للطلب القوي من المعلنين، وحرصا على تنوع المحتوى ليشمل الموضة والسفر وغيرها، بهدف تحقيق أكبر قدر من الانتشار والتفاعل.

في ظل النمو السريع لمنصات التواصل الاجتماعي في المنطقة، برزت فجوة واضحة في المحتوى الرقمي العربي. أدرك وسيم وإلسا الفرصة مبكراً، وبدآ باستخدام هذه المنصات لتوزيع المحتوى والوصول إلى الجمهور.

بحلول عام 2010، بدأ المعلنون بالاتصال بهم. يقول وسيم: "جاءت الوكالات تقول: لدينا علامات تجارية تريد الظهور على منصتكم". عندها، أسّسا الشركة رسمياً لبدء تحقيق الدخل من الطلب الإعلاني المتزايد.


التوسّع عبر منصات إعلامية جديدة


في عام 2013، تركت إلسا مجال الاستشارات لتتفرغ بالكامل لتنمية "أنوثة"، معتمدة بالكامل على التمويل الذاتي.

وبفضل الجمهور المتزايد وإثبات قدرة المشروع على تحقيق الأرباح، أصبح التوسّع ممكناً. بدل الاكتفاء بمنصة واحدة، أطلقوا "صحتي"، وهي مجلة رقمية متخصصة بالصحة، لسد فجوة في المحتوى الصحي العربي، كما أطلقوا "لوليا" لاستهداف الشابات دون سن الخامسة والعشرين بمحتوى مرئي.

رغم أن كل علامة استهدفت جمهوراً مختلفاً، فقد استفادت جميعها من قدرات مشتركة في إنتاج المحتوى، وتحسين محركات البحث، وتحقيق الدخل الإعلاني، مما خلق تآزراً تشغيلياً قوياً. يوضح وسيم: "لم يكن مخططاً له؛ بل انتهزنا الفرص بناءً على الإمكانيات المتاحة".

ومع استمرار التوسّع، اجتذب المشروع استثمارات رأس المال الجريء، أبرزها من IM FNDG.


التحوّل نحو التجارة الإلكترونية


في عام 2017، انضم فيليب رزق، صديق وسيم منذ الطفولة والمدير الإقليمي السابق لإحدى كبرى شركات مستحضرات التجميل، إلى الفريق. أدرك الثلاثة معاً تحوّلاً جوهرياً في مشهد الإعلام الرقمي في الشرق الأوسط.

فقد أدى دخول شركتي Google وFacebook إلى دبي إلى زعزعة نموذج الإعلان التقليدي، مما قلّص عائدات الوسائل الإعلامية القديمة. لكن وسيم رأى فرصة حيث رأى الآخرون تراجعاً. "كان لدينا الجمهور، والمعلنون كانوا علامات تجميل"، كما يقول.

ومع أن التجارة الإلكترونية في قطاع الجمال لم تتجاوز 1٪ آنذاك، بدأت العلامات التجارية تطالب بنماذج قائمة على المعاملات. فاستجاب الفريق بإطلاق "لوليا كلوزِت" (Loolia Closet)، منصة تجارة إلكترونية متخصصة في الجمال، و"صحتي كير" (Sohati Care)، صيدلية إلكترونية.


تآزر فعّال بين الإعلام والتجارة الإلكترونية


منحهم دخولهم إلى التجارة الإلكترونية من بوابة الإعلام ميزة فريدة. فبينما تبدأ معظم الشركات الناشئة بالتركيز على التجارة وإدارة المخزون واللوجستيات، ثم تعمل لاحقاً على جذب العملاء، بدأ وسيم وإلسا من الطرف الآخر.

فقد امتلكا بالفعل الجمهور والقدرات الإبداعية والخبرة العميقة في السرد التسويقي والتأثير عبر المحتوى. التحدّي الحقيقي كان في الجانب التشغيلي — من إدارة المخزون إلى خدمة العملاء — وقد قاموا ببناء هذه القدرات داخلياً.

هذا المزيج النادر جعلهم شركاء مثاليين لعلامات التجميل التي تبحث عن من يستطيع الدمج بين التسويق والتنفيذ التجاري. من خلال عملهم المباشر مع فرق التسويق والمبيعات (التي غالباً ما تكون مفصولة داخل الشركات الكبيرة)، أصبحوا شركاء أكثر كفاءة وفعالية، مما عزز علاقاتهم مع أبرز العلامات التجارية.

علّق أنطون معوض، نائب رئيس الاستثمار في IM FNDG: "ما ميّز هذه الشركات هو تكاملها، حيث خلق كل مشروع قيمة إضافية للآخر، مما كوّن ميزة تنافسية موحّدة. قدرة المؤسسين على إطلاق مسارات جديدة مع الحفاظ على الانضباط أظهرت قوة النموذج المتكامل".


إعادة الهيكلة تحت مظلة Parallel


ثم جاء الانهيار الاقتصادي في لبنان عام 2019، نقطة التحوّل الأصعب. يقول وسيم: "توقفت صناديق الاستثمار عن التمويل، وانخفضت قيمة العملة، وكنا نخسر الأموال فقط عند تحويلها إلى الدولار في السوق السوداء".

ولمواجهة الأزمة، قرروا اتخاذ خطوة جريئة: دمج جميع المساهمين من الشركات المختلفة ضمن جدول ملكية واحد من خلال تأسيس شركة قابضة جديدة تحت اسم Parallel Health and Beauty. وقد حافظت هذه الخطوة على حقوق المستثمرين ومنعت التضحية بأي من المشاريع لصالح الآخر.

يوضح وسيم: "نقلنا هيكل الشركة القابضة خارج لبنان لطمأنة المستثمرين وتبسيط التمويل. كانت خطوة مؤلمة قانونياً وإدارياً، لكنها أنقذتنا، والمستثمرون دعمونا بشكل كامل".

أشاد أنطون بهذه الخطوة قائلاً: "الدمج كان قراراً استباقياً ذكياً، سبق حتى تفاقم الأزمة. القدرة على تنفيذ هذه الخطوة المعقدة، وجمع التمويل في الوقت ذاته، يدلّ على قيادة وسيم وصلابة فريقه الاستثنائية".

واصلت IM FNDG دعمها للمؤسسين، فحوّلت استثمارها الأول في "صحتي" إلى أسهم في Parallel، وشاركت مجدداً عبر صندوق "أنقذوا شركاتنا الناشئة"، المصمم لدعم المؤسسين الذين أثبتوا مرونتهم في وجه انهيار لبنان الاقتصادي.


نتائج استثنائية رغم الأزمات


رغم صعوبة الأزمة، تمكن الفريق من توحيد العمليات الخلفية — من التكنولوجيا إلى المحاسبة والموارد البشرية — عبر شركات الإعلام والتجارة الإلكترونية، محققين وفورات كبيرة في التكاليف ونمواً ملحوظاً في العائدات، من مليون إلى ستة ملايين دولار، مع تحقيق الربحية.

يعمل الفريق اليوم في ثلاث دول: لبنان، والأردن، ومصر، بينما يحافظ على حضور إعلامي ضخم:

لوليا: أكثر من مليوني مشترك على يوتيوب

صحتي: أكثر من 10 ملايين متابع على وسائل التواصل

أنوثة: أكثر من 17 مليون متابع عبر المنصات المختلفة


استراتيجية جغرافية مدروسة


اتسمت استراتيجية Parallel الجغرافية بالذكاء، إذ جمعت بين إمكانات السوق وقوة التنفيذ. ركّزوا بدايةً على لبنان والأردن، وهما سوقان يتمتعان بمنافسة منخفضة نسبياً، مما سمح لهم بالسيطرة على حصص سوقية كبيرة — تُقدَّر بـ30-40٪ في لبنان و10-15٪ في الأردن — مع تجنّب المنافسة المباشرة مع عمالقة التجارة الإلكترونية في المنطقة.


البقاء في طليعة الاتجاهات


جعلت Parallel من مواكبة الاتجاهات الإعلامية والتكنولوجية محوراً أساسياً في استراتيجيتها. ومع تجاوز التجارة الإلكترونية 95٪ من الإيرادات، بدأ فريق المحتوى في تجربة أساليب جديدة لخدمة التجارة الإلكترونية.

كانوا من أوائل من أدخل تقنيات الواقع المعزز (Virtual Try Out AR) بالشراكة مع مجموعة L'Oréal، كما خاضوا تجارب في عالم الميتافيرس (Metaverse).

يقول وسيم: "لا نفوّت أي اتجاه جديد"، مؤكداً ثقافة الشركة القائمة على الابتكار المستمر.

ويعمل الفريق اليوم على تطوير وكيل تجميل ذكي مدعوم بالذكاء الاصطناعي، مستفيدين من ثروة بياناتهم: أكثر من 4,000 فيديو تعليمي على لوليا، و20,000 استشارة بين صيادلة والعملاء على صحتي.


المرحلة المقبلة: المملكة العربية السعودية


مع التوسّع إلى السوق السعودي، يرى وسيم أن النجاح في بيئة مشبعة يتطلب تجربة ثورية قائمة على الذكاء الاصطناعي.

رؤيته تتمثل في توفير رحلة تسوق سلسة، حيث يتمكن المستخدم من مسح وجهه مرة واحدة، ليحصل على توصيات مخصصة من وكيل التجميل الذكي، ويضيف كامل روتينه إلى سلة الشراء بنقرة واحدة فقط.

يؤمن الفريق بأن تقنيتهم ستبلغ النضج التام مع دخول السوق السعودية، ما يمنحهم ميزة تنافسية فريدة. وقد دعمت IM FNDG هذا التوسّع من خلال استثمارها الثالث في Parallel، ما يعدّ شهادة ثقة واضحة في المؤسسين ورهاناً على رؤيتهم بعيدة المدى.


اشترك في نشرتنا الإخبارية لتكون أول من يعرف عند نشر قصص جديدة من "كفاح المؤسسين"!

كن في الطليعة

انضم إلى مجتمعنا المتنامي من عشاق التكنولوجيا، ولا تفوّت أي قصة، أو رؤية، أو تحديث حول التمويل في قطاع التكنولوجيا المزدهر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.